إسلاميات

حكم الغلو في الصالحين .. ما ينبغي فعله لعدم الوقوع في الغلو في الصالحين

في دنيانا المعاصرة، يُعجب الكثيرون بتاريخ الإنسانية وثقافتها بما فيها من شخصيات ملهمة ومفضلة لديهم. هؤلاء الأفراد يتابعون حياة الصالحين والقديسين بشغف، مارسوا أفعالاً جليلة وتركوا وراءهم إرثاً معنوياً ثميناً. ومع ذلك، قد ينجرف بعض الأشخاص إلى الغلو في تقدير هؤلاء الأشخاص والتصوير الزائد لهم، مما يثير تساؤلات هامة حول حكم هذا السلوك وآثاره.

قد يهمك ايضاً : أذكار الصالحين 

معنى الغلو في الصالحين

الغلو في الصالحين يشير إلى تجاوز الحدود والتضخيم غير المبرر للشخصيات الدينية أو الأخلاقية الصالحة. يعني ذلك تقديم الصالحين بشكل مبالغ فيه وغير واقعي، مما يمكن أن يؤدي إلى تزييف صورهم وتضخيم مكانتهم بشكل مبالغ فيه. الغلو في الصالحين يمكن أن يظهر في العديد من الأوجه، بما في ذلك الإفراط في تمجيد أعمالهم أو تجاوز الحدود في الاحترام والتقدير لهم.

هذا السلوك غالباً ما يكون مضرًا، حيث يؤدي إلى تشويه صورة الصالحين ويجعلها أكثر تعقيدًا وصعوبة في الفهم. يمكن أيضًا أن يساهم في خلق تصورات غير واقعية عن الأشخاص المقدسين، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تشجيع العبادة المفرطة لهم، بدلاً من التركيز على القيم والتعاليم التي نشروها.

المفهوم الصحيح هو الاحترام والتقدير للصالحين والقديسين من خلال فهم حقيقتهم كبشر عاديين قاموا بأعمال جليلة واتبعوا مسارًا دينيًا أو أخلاقيًا يمكن أن يكون مصدر إلهام وتوجيه للآخرين.

حكم الغلو في الصالحين

في طريقة مبهرة يتضح أنّ ديننا الإسلامي ينير دربنا بوضوح نحو الاعتدال والتوازن في العبادة والتقدير. فقد نهى الإسلام بصرامة عن كل أشكال الغلو في الدين، وهذا يشمل الغلو في تقدير الصالحين وكذلك الأمور المتعلقة بالقبور.

فبالنظر إلى القبور، نجد أن الدين الإسلامي يحث على التواضع والابتعاد عن الافتخار والاعتدال في العبادة. حيث يُحظر بشدة الصلاة في المقابر وبناء القباب عليها. وهذا لأن البناء على القبور وجعلها مكانًا للعبادة يمكن أن يشجع على الشرك بالله تعالى ويؤدي إلى التخلي عن توحيد الله.

  • لذلك، حكم الغلو في الصالحين وبناء القباب على القبور هو حكم شرعي صريح وجلي: حرام شرعًا.

إن هذا النهج يعكس جوهر الإسلام الذي يدعو إلى ترك الغلو والابتعاد عن الزيف في الدين، مع التركيز على تقدير الله واتباع تعاليمه بعبادة صادقة ومتواضعة.

لكن هل تعرف في أي قوم بدأ الغلو في الصالحين وعبادتهم ؟

أنواع الغلو المحرّم في الصالحين

الغلو في الصالحين يمكن أن يتجلى بعدة أشكال محرمة في الإسلام، ومنها:

  1. تزييف الأحداث: عندما يتم تضخيم أو تزييف الأحداث والقصص المتعلقة بالصالحين لجعلهم يبدون أكثر تفوقًا أو قدسية مما كانوا عليه في الواقع.
  2. العبادة المفرطة: عندما يتم العبادة المفرطة للصالحين، مما يتضمن الصلاة إليهم أو تقديم الهدايا لهم كما لو كانوا آلهة.
  3. الاعتقادات الخاطئة: عندما يتم تطوير اعتقادات خاطئة حول الصالحين، مثل اعتقاد أنهم يمكن أن يعطوا الأمور الخارقة أو يحدثوا المعجزات.
  4. القبور والمزارات: بناء القباب والمزارات على القبور، والذي يمكن أن يؤدي إلى العبادة في هذه الأماكن وتجليتها.
  5. الغلو في القراءة: عندما يقتصر القراءة على الكتب والمواد التي تتحدث عن الصالحين دون توجيه الجهد للقراءة في مواضيع أخرى.

يجب أن نتذكر دائمًا أن الإسلام يدعو إلى التوازن والاعتدال في الدين، ويحث على تقدير الصالحين والقديسين بشكل صحيح دون تجاوز الحدود والوقوع في الغلو.

مثال على الغلو في القول والعمل

الغلو في تقدير الصالحين يظهر بأشكال متعددة، منها:

  1. إطالة النظر والتعظيم: حينما نتجاوز حدود الاحترام ونصل إلى مستوى التعظيم المفرط في مدح الصالحين، مما يجعلهم يبدون كأشخاص خالدين ومتفوقين على البشر العاديين.
  2. نقل الأحاديث الباطلة: عندما ننشر أحاديث زائفة حول الصالحين تصورهم كأنهم يملكون قدرات خاصة أو معجزات.
  3. تجسيد الصالحين: عندما نقوم بتجسيد الصالحين في تماثيل أو صور، مما يعود بنا إلى ممارسة تقديس تشبه عبادة الأصنام في الجاهلية.
  4. إعتقاد قدرات خارقة: عندما نصدق أن الصالحين يمكنهم تغيير مصائر الناس والتدخل في حياتهم بشكل غير واقعي.
  5. الدعاء والمناجاة: عندما نلجأ إلى الصالحين في الدعاء ونبتعد عن الاعتماد على الله وحده، على الرغم من أن الله هو القادر على كل شيء.
  6. العبادة في الأضرحة: عندما نأخذ المرضى والمشلولين إلى أضرحة الصالحين، آملين في شفائهم على يد الصالحين بدلاً من اللجوء إلى العلاج الطبي العادي.
  7. النذور والأضاحي: عندما نعرض النذور والأضاحي للصالحين بهدف طلب أمور معينة، مما يؤدي إلى تشويه التفاهم الصحيح للدين والعبادة.

ما ينبغي فعله لعدم الوقوع في الغلو في الصالحين

من أفضل السُبل التي يمكن للمسلمين اتباعها لتجنب الوقوع في الغلو هو الالتفات دائمًا إلى مصادر الهداية الرئيسية في الإسلام: كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم -عليه الصلاة والسلام-. إنهما المرشدان الحقيقيان في الحياة الدنيا والآخرة، ومصدر الحكمة والسكينة.

يجب على المسلمين أن يمتنعوا عن التعصب المفرط والتقديس للأشخاص أو الأماكن أو حتى الأشياء، وأن يحترموا قدسية الله وحده. بالتالي، لا ينبغي لأي مخلوق أن يشغل مكانة الله في العبادة أو التوجيه. يجب أن يكون التقديس محصورًا فقط للخالق الذي يملك القوة والسلطة الحقيقية.

بهذا النهج، يمكن للمسلمين الحفاظ على وحدانية الله وتجنب الوقوع في فخ الغلو والتطرف، مع الالتزام بتعاليم الإسلام التي تحث على الاعتدال والتوازن في العبادة والتقدير.

في الختام، يظهر بوضوح أهمية الحفاظ على التوازن والاعتدال في الدين الإسلامي. إن تجنب الغلو في تقدير الصالحين والمخلوقات الأخرى يعكس جوهر الإيمان الإسلامي والتركيز على التوحيد والاعتقاد بوحدانية الله. العودة المستمرة إلى كتاب الله وسنة نبيه هي القاعدة الرئيسية لتجنب الانحراف والتطرف في العبادة.

فالإسلام يدعو إلى الاعتدال والوسطية، ويحث على تقدير الصالحين والأمور الدينية بشكل صحيح ومتوازن. ينبغي للمسلمين أن يكونوا دائمًا حذرين من الغلو والتطرف، وأن يبقوا ملتزمين بتعاليم دينهم السمحة، حيث يكون التقدير الحقيقي مخصصًا لله وحده، مصدر القوة والسلام في الحياة الدنيا والآخرة.

قد يهمك ايضاً : ادعية الانبياء والصالحين

عبد العاطي سيد

تخرجت من كلية التجارة جامعة عين شمس عام وأعمل ككاتب مقالات مهتم بالكتابة في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والترفيه والتكنولوجيا والصحة. لقد نشرت لي العديد من المقالات عبر المنصات الإلكترونية المختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى