إسلاميات

حديث عن الأمراض آخر الزمان وانتشار الموت

حديث عن الأمراض آخر الزمان

من العلامات التي تزيد في إيمان المؤمن ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتزيده معرفة بصدقه، هو ما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما سيقع من ملاحم ومن فتن ومن أشراط وعلامات للساعة وتكون لها علامات صغرى وعلامات كبرى، وقد وقعت العديد من الأخبار التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا زال بعضها يقع؛ ليتأكد بذلك صدقه صلى الله عليه وسلم، ويثبت الذين آمنوا ويزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، ولا ينجو أحد من عباد الله إلا إذا تمسك بحبل النبي صلى الله عليه وسلم.

ونحن في هذا الموضوع حديث عن الأمراض آخر الزمان وانتشار الموت ، نتعرض إلى بعض الأخبار التي أخبر بها الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وتسليماته عليه، أخبر بأخبار الغيب التي بلغها بها ربه سبحانه وتعالى، وسنعرض لهذه الأخبار في هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.

الطاعون شهادة
الطاعون شهادة

 انتشار الموت نتيجة الأمراض والأوبئة:

فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقوع ذلك في آخر الزمان، حيث يكثر موت الفجأة ويكثر الموت عن طريق الأوبئة والأمراض التي تتوطن في الناس والزلازل والبراكين والغرب، كما يكون ذلك عن طريق كثرة الحروب وكثرة الفتن التي يتعرض لها الإنسان، فما أظلم هذا الإنسان وما أطغاه، فالإنسان هو الذي يُفسد أكثر الإفساد في هذه الأرض، وما فسدت الأرض إلا بفساد الإنسان، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من ضمن علامات الساعة كثرة الهرج، والهرج هو القتل، حتى لا يعرف القاتل لماذا قتل، ولا المقتول في أي شيء قُتِل، بل وحتى يأتي الإنسان إلى القبور فيتمنى أن يكون في مكان صاحب القبر، وهذا مما يدل على شدة الفتن والبلاءات التي تصيب الإنسان في آخر الزمان حتى يتمنى أن يكون مكان أحد ممن في القبور كما جاء فيما ورد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث.

وقد نصت السنة الصحيحة على ما سيحدث للإنسان في آخر الزمان من موت بالأمراض الموبئة، ففي حديث عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: “اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا” رواه البخاري.

فذكر النبي صلى الله عليه وسلم مما سيحدث بين يدي الساعة: فتح بيت المقدس، وهذا قد تم فتحه زمان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ثم سيأتي مُوتانٌ يأخذ في الناس، وهذا ما قال عنه القاضي عنه رحمه الله تعالى أنه من أسماء الطاعون والموت، وقد جاء عن ابن الأثير أن المُوتان هو الموت الكثير الوقوع.

وشبهه بقعاص الغنم، وهو داءٌ يأخُذ الغنم لا يُلبِثها إلى أن تموت. وقيل: هو داء يأخذ في الصدر. وكثير من الأوبئة تؤثر في الرئة، وتحبس النفس، حتى يموت الموبوء.

انظر أيضًا: علامات الساعة الصغرى

فتن كموج البحر
فتن كموج البحر

وقد جاء التشبيه لهذا الموت الكثير الوقوع بقعاص الغنم، وقعاص الغنم هو داء يكون في الغنم لا يُلبثها حتى تموت، وقد قيل إن هذا الداء يأخذ في الصدر، وكثير من تلك الأوبئة يكون لها تأثير في رئة الإنسان حتى تحبس نفسه فيموت الموبوء من جراء ذلك، وهذا هو الحال من مرض كورونا الموجود الآن، فهو يؤثر على الجهاز التنفسي تأثيرًا كبيرًا، حتى لا يستطيع الإنسان أن يأخذ نفسه، نسأل الله السلامة والعافية.

فالكثير من الموت الذي يحصل في الأمة إنما يكون نابع من الوباء ومن القتل، كما أشارت إلى ذلك الأحاديث التي وردت في السنة، ففي الحديث عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ” رواه أحمد. والطعن كما هو معروف هو القتل، والطاعون هو وباء يأخذ في الناس.

كلام ابن خلدون عن المرض والوباء:

ومن المنقول عن ابن خلدون في هذا الأمر، ما جاء في كلامه ما معناه: أن الموتان له أسباب عديدة من كثرة الفتن وكثرة المجاعات، حتى يكثر القتل ويقع الوباء، وسبب ذلك على الأكثر هو فساد الهواء بكثرة العمران الإنسان؛ وذلك لكثرة ما يخالطه الإنسان من الرطوبات الفاسدة، فإذا فسد الهواء الذي هو غذاء الروح تسرب ذلك الفساد إلى المزاج، فإذا كان الفساد ذا قوة كان المرض ووقع في الرئة وهذا هو الطاعون، والطاعون أمراضه تختص بالرئة، وإذا كان الفساد ليس كثيرًا فيكثر العفن وتكثر الحمى في الأمزجة، ويكثر المرض وهلاك الأبدان، وقد فشا الطاعون في بني إسرائيل فأهلك منهم أربعة وعشرون ألفًا لما كثر فيهم الزنا.

وقد جاء في السنة المطهرة أن الفواحش والزنا من أسباب الوباء الرئيسية، ففي الحديث: “لم تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ حتى يُعْلِنُوا بها إلا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا” رواه ابن ماجه. وقد قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما ظهر البغي في قوم قط إلا ظهر فيهم الموتان.

انظر أيضًا: هل تعلم عن يوم القيامة

طاعون عمواس
طاعون عمواس

أمثلة للأمراض التي وقعت في الأمة الإسلامية:

وقعت أربعة طواعين في المئة الأولى من الهجرة النبوية، فقد ابتُلِيَ الناس في هذا الوقت بالعديد من الطواعين، فهناك طاعون وقع سنة ست من الهجرة في عام صلح الحديبية، غير أن هذا الطاعون أصاب الفرس ونجا منه المسلمون وسلموا وهم في المدينة؛ لأن المدينة حُرِّم عليها وباء الطاعون، غير أنه ربما أصابها من الأوبئة غير الطاعون.

أما الطاعون الثاني فهو طاعون عمواس، وكان في بلاد الشام، واستُشهد في هذا الطاعون العديد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء الصحابة الكرام: معاذ بن حبل، وأبو عبيدة بن الجراح، والفضل بن العباس وشرحبيل بن حسنة، وحصد هذا الطاعون 25 ألف نفس.

أما الطاعون الثالث فقد وقع في أيام دولة عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما في عام 69 هـ، وسُمِّي الطاعون الجارف؛ لأنه جرف كثيرًا من الناس ومات فيه خلق كثير، وقد هلك في ثلاثة أيام في كل يوم يموت سبعين ألفًا.

والطاعون الرابع: كان سنة سبع وثمانين ويسمى طاعون الفتيات، لأنه بدأ في العذارى والجواري بالبصرة وبواسط وبالشام وبالكوفة ومات فيه عبد الملك بن مروان الخليفة أو بعده بقليل، ويسمى أيضا: طاعون الأشراف؛ لكثرة من مات فيه من الكبراء.

وقد وقع عام 87 طاعون سُمي طاعون الفتيات؛ لأنه ابتدأ في الجواري وفي العذاري في البصرة وفي واسط والشام والكوفة، وقد مات في هذا الطاعون الخليفة عبد الملك بن مروان، أو ربما بعده بقليل، وكذلك يُسمى طاعون الأشراف؛ لأنه قد مات فيه العديد من الكبراء.

وقد تواتر الطواعين خلال القرون، وقد وقع ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة المُوتان، وأن ذلك من العلامات بين يدي الساعة، وأن فناء هذه الأمة لا يكون إلا بالطعن والطواعين، فكان كما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم.

انظر أيضًا: علامات الساعة الكبرى

حديث
حديث

الأمراض والأوبئة ابتلاء وعقاب:

فهذه الأوبئة والأمراض هي عقوبة إن أصابت الكافرين المعادين للدين القائمين على كفرهم وعنادهم، وهي ابتلاء إن أصابت مؤمنين قائمين بما أمرهم الله تعالى من الإحسان، فإن صبروا كان لهم الأجر العظيم، فمن مات في الطاعون كانت له شهادة إن شاء الله تعالى، كما في حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي «أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ» رواه البخاري. وفي حديث آخر: «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» متفق عليه.

علامات نعيشها
علامات نعيشها

كان هذا ختام موضوعنا حول حديث عن الأمراض آخر الزمان وانتشار الموت، قدمنا خلال هذه المقالة بعض المعلومات المهمة عن الأوبئة والأمراض التي تحصل في آخر الزمان، وعن كثرة انتشار الموت نتيجة هذه الأمراض، وما حصل بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من طواعين خلال المئة الأولى من السنين الهجرية، وما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أن فناء هذه الأمة يكون بالطعن والطاعون، وهذه الأمور التي هي ابتلاء للمؤمن الصابر المتحسب وعقوبة للكافر المعاند، نسأل الله تعالى أن يسلمنا وأن يحفظنا بحفظه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى