كم استمرت الخلافة الراشدة ؟ وما هي أطول مدة في خلافة المسلمين ؟
العناصر
دامت الخلافة (الراشدة) لأربعة خلفاء لـ 30 سنة وإنتهت بمقتل علي بن أبي طالب. قبله قتل عمر وعثمان ويوجد روايات تقول ان أبو بكر كان مسموماً، ولم تخلُ الخلافة الراشدة من الحروب الداخلية التي بدأت بحرب الردة وإنتهت بموقعة الجمل التي نعيش أثارها لليوم. ومن ثم بدأت الدولة الأموية ، ودامت “الخلافة الإسلامية” 1300 سنة تقريباً وإنتهت بالدولة العثمانية في عام 1923 م.
الخلفاء الراشدون
١ / أبوبكر الصديق ١١ – ١٣ هـ
٢ / عمر بن الخطاب ١٣ – ٢٣ هـ
٣ /عثمان بن عفان ٢٣ – ٣٥ هـ
٤ / علي بن أبي طالب ٣٥ – ٤٠ هـ
*إجمالي اعوام الخلفاء الراشدين = 30 عاما*
أولًا: خلافة أبي بكر الصديق (11- 13 هجرية)
استلم أبو بكر خلافة الأمة في مرحلة دقيقة، فغياب الرسول محمد بن عبد الله شجع الكثير من القبائل العربية التي أعلنت ولاءها للإسلام إلى إعلان العصيان ومحاولة الخروج عن سلطة المدينة منهم من رفض دفع الزكاة في حين أعلن البعض الآخر ارتداده عن الإسلام وظهر العديد من مدعي النبوة في أرجاء مختلفة من الجزيرة العربية. عرف أبو بكر مباشرة أن مثل هذه الحركات تهدد وحدة الأمة والدين وكان رده مباشرة عن طريق مجموعة حملات عسكرية على القبائل المرتدة عرفت بحروب الردة. ورغم هذه الفتنة العظيمة فقد صمم أبو بكر أن ينفذ وصية رسول الله بإنفاذ جيش أسامة بن زيد الذي أعده رسول الله ليتوجه إلى بلاد الروم.
حروب الردة
حروب الرّدّة (11هـ. – 13هـ./632م. – 634م.) هي الحروب التي حدثت بعد وفاة الرسول بسبب ارتداد غالبيّة العرب عن الإسلام، فلم يبقَ مواليًا لحكم أبي بكر سوى القبائل المحيطة بالمدينة بالإضافة إلى سكان المدينة، ومكة، والطائف. لقد قرّر الخليفة أبو بكر الصّديق مقاتلة جميع المرتدّين ولم يترك أحدًا منهم رغم توجّه بعض الصّحابة إليه أن يترك من امتنع عن دفع الزّكاة من القبائل ولكن هذا الرأي لم يلق قبولا من الخليفة الأول. فأرسل الجيوش الإسلاميّة بقيادة عكرمة بن أبي جهل لمحاربة لقيط بن مالك في دبا فحاربه حتى قتل في المعركة. ومن ثم خالد بن الوليد لمحاربة مسيلمة بن حبيب. وانتصر خالد على مسيلمة في معركة اليمامة التي كانت من أقسى المعارك التي خاضها المسلمون.
خلافة عمر بن الخطاب (13- 23 هجرية)
عمر قمّة كبيرة من قمم المسلمين، بل قمّة كبيرة من قمم الإنسانية بشكل عام، وقد ذكرنا بعض الأحاديث في فضله وذكرنا أنه: اتصف بالعلم الغزير. اتصف بالدين العظيم والوَرَع الظاهر البيّن. تقديم مصلحة المسلمين على مصلحته بكل صورة من الصور.
أيضًا المتتبع لحياة عمر رضي الله عنه يلحظ بوضوح تقديمه لسُّنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحكام حتى لو كان عقله لا يستوعب الحكمة أو الغاية أو الهدف من وراء السُّنَّة التي شرّعها الرسول صلى الله عليه وسلم أو طبَّقها في حياته صلى الله عليه وسلم.
كان عمر لا يُعطي عقله أي فرصة أن يناقش رأي من آراء الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول صلى الله عليه وسلم عمل، انتهى. كما في قصة استلام الركن، استلام الحجر الأسود، وقصة الرَمَل، الرَمَل: هو المشي السريع الذي نعمله في أول ثلاث أشواط في العمرة.
كل هذا الكلام نقوله علمًا أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى لعقل عمر رضي الله عنه مكانة كبيرة جدّاً.أحيانًا يُمكن للإنسان أن يُفْتَن بعقله، بعض الناس ممن لديه القدرة على التحليل, والاستنباط، والقدرة على الحفظ، القدرة على تجميع المعلومات، يُفْتَن بعقله ويبدأ يأخذ آراء يمكن أن تكون مخالفةً للقرآن أو للسُّنَّة أو لآراء الصالحين أو لما اتَّفق عليه الفقهاء لأنه فُتِن بعقله.
خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه
هو أبو عمرو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي أمه أروى بنت كريز. لقب بذي النورين لأنه تزوج بنتي سيد الكونين رقية وأم كلثوم. كان ربعة، حسن الوجه، أبيض، مشربا بحمرة، كث اللحية، طويل الذراعين، شعره كسا ذراعيه أصلع قد شد أسنانه بالذهب، كان خاتمه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم.
غزوات عهده:
بعث عثمان بن عفان جيشا بإمرة سلمان بن ربيعة إلى بلاد أرمينية فذهبوا ودخلوا البلاد، ثم غزا معاوية بلاد الروم حتى بلغ عمورية في خلافة عثمان وكان عمرو بن العاص غزا طرابلس الغرب وحاصرها شهرا وكان بها الروم من جهة هرقل.
فضائله رضي الله عنه:
وفي سنة ثلاثين بلغ الخليفة عثمان بن عفان أنه وقع في العراق اختلاف في القرءان فجمع عثمان الصحابة ونسخوا أربعة مصاحف فبعث أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى كل أفق من الآفاق بمصحف يكون مرجعا وعمدة يعتمدون عليه فلم يقع بعد ذلك ولله الحمد خلاف في كلمة أبدا.
وقد ورد عن عثمان ابن موهب قال: جاء رجل من أهل مصر، حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال، من هؤلاء؟ قالوا قريش قال: فمن الشيخ فيهم: قالوا: عبد الله بن عمر. قال: يا بن عمر أني سائلك عن شىء، فحدثني، هل تعلم أن عثمان فرّ يوم أحد؟ قال: نعم قال: هل تعلم أنه تغيب عن يوم بدر ولم يشهدها؟ قال: نعم. قال: هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان ولم يشهدها؟ قال نعم. قال: الله أكبر، فقال ابن عمر: تعال أبين لك. أما فراره يوم أحد فأشهد أنّ الله عفا عنه وغفر له. وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه، وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى “هذه يد عثمان” فضرب بها على يده فقال: هذه لعثمان. فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك (أي اذهب بهذه الأجوبة الآن لعله يزول عنك ما تسمعه في عثمان فإنه ذو منزلة سامية). أخرجه البخاري والترمذي في مناقب عثمان.
خلافة علي بن ابي طالب رضي الله عنه
أول خطبة خطبها علي رضي الله عنه:
قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في أول خطبة خطبها حين تولى الخلافة: إن الله عز وجل أنزل كتاباً هادياً ، بيّن فيه الخير والشر ، فخذوا بالخير ودعوا الشر ، الفرائض أدوها إلى الله (سبحانه) يؤدِّكم إلى الجنة ، إن الله حرَّم حُرَماً غير مجهولة ، وفضَّل حرمة المسلم على الحُرم كلها ، وشد بالإخلاص والتوحيد المسلمين ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق ، لا يحل أذى المسلم إلا بما يجب ، بادروا أمر العامة ، خاصة أحدكم الموت ، فإن الناس أمامكم ، وإن من خلفكم الساعة تحدوكم ، تخففوا تلحقوا ، فإنما ينتظر الناس أخراهم ، اتقوا الله في عباده وبلاده ، إنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم ، أطيعوا الله عز وجل ولا تعصوه ، وإذا رأيتم الخير فخذوا به ، وإذا رأيتم الشر فدعوه: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 26].
ولـمَّا كانت بيعة علي جاءت بعد فتنة عمياء ذهب ضحيتها خليفة المسلمين السابق، فقد دعا المسلمين إلى الخير ونبذ الشرّ ، وبيّن لهم أن حرمة المسلم فوق كل الحرمات ، فلا يجوز أذاه في حال من الأحوال ، ثم ذكرهم بالموت والاخرة، وحثّهم على التقوى والطاعة والعمل الصالح، وقد جاءت محاور الخطبة حول جانب العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق ، واهتمت ببعض مقاصد الشريعة ، ولو شئنا أن نلخص خطته التي يريد أن يرسمها للناس لقلنا: يريد أن يقول لهم: ارجعوا إلى العهد الذي كنتم عليه أيام رسول الله ﷺ ، والخلفاء الراشدين الذين سبقوه ، وقد أشار أمير المؤمنين في حكمة وبلاغة إلى النهج الذي سيقبلون به عهد الخلافة الجديد بقوله: إذا رأيتم الخير فخذوا به ، وإذا رأيتم الشر فدعوه. وختم بالآية الكريمة التي كانوا في حاجة إلى استحضارها ، ليقارنوا بها بين ما كانوا عليه قبل الإسلام وبعد الإسلام – إلى أمد بعيد – من القلة والضعف والضَّعة والخمول حتى كانوا كقطعة لحم على كف يختطفها الطير ، ثم ما صاروا إليه من القوة والسعة والأمن والسَّلام، والرخاء والثراء ، وما أكرمهم به عليهم من النِّعَم، فطنّت حصاتهم، وخفقت راياتهم، ودان لهم العباد والبلاد.