في عام 1944، أصدر الشاعر السوري نزار قباني ديوانه الأول بعنوان “قالت لي السمراء”، الذي شكل انطلاقة جريئة في مسيرته الشعرية. جاء هذا الديوان في وقت كانت فيه الساحة الأدبية العربية تهيمن عليها القصائد التقليدية، فكان بمثابة ثورة أدبية عبّرت عن مشاعر الحب والأنوثة بأسلوب جديد ومبتكر. قصيدة “قالت لي السمراء” تجسّد هذه الروح الثائرة، حيث تتحدث فيها المرأة بصوت قوي، معبّرة عن مشاعرها وتحدياتها في مواجهة الحب والمجتمع.
القصيدة:
قالتْ لي السمراءْ
هل آن لكَ أن تعترفْ ..
فقصيدتك التي ناجيت فيها القمرَ
عما قرأتُ لك من قصائد .. تختلفْ ..
كلماتها تكشف السر الذي
عبثاً تحاول إخفاءهُ ..
ذلك النبض الجميل الذي تحاول إسكاتهُ ..
Al3nan
قالتْ لي السمراءْ
هل آن لكَ أن تواجه حقيقة القدرْ ..
دونما التفاتة للوراء .. أو هذَرَ ..
Al3nan
قالتْ لي السمراءْ ..
ما هذي الدموعُ
وأسوأ ما في الرجال البكاءْ ..
أو كلمات الضعف تستجدي الرثاءْ ..
تحطم في داخلي أسطورة الكبرياءْ ..
لرجل يزعم : لا تقهرُهُ النساءْ ..
أو يتحطم شراعه .. إذا ما واجه الأنواءْ ..
Al3nan
قالتْ لي السمراءْ
بربك قل لي :
أحين يحبُ الرجلُ .. ينكسرْ ..
أم أنه بالحب وحده ينتصرْ ..
Al3nan
قالتْ لي السمراءْ ..
أحب الصيف وهجا إلهيا
لا تطفئه برودة الشتاءْ ..
وقلباً طفلاً
لا يعرف في أمور الحبِ
سوى الصفاءْ ..
يمضي للأمام قدما
دون التفات للوراءْ ..
Al3nan
قالتْ لي السمراءْ ..
أهو الإنتقام لما تحطم في نفسك
من كبرياءْ ..
أم الحنينُ إلى الماضي
حين ينسدل المساءْ ..
إن لم يكن ما ذكرتُ هو الحقيقة
فقل ما تشاءْ ..
تعد قصيدة “قالت لي السمراء” من أبرز أعمال نزار قباني التي جسدت تحولا في الشعر العربي، حيث منح المرأة صوتًا قويًا للتعبير عن مشاعرها وتحدياتها. من خلال هذه القصيدة، كسر نزار قباني القيود التقليدية، وفتح آفاقًا جديدة للتعبير عن الحب والأنوثة، مما جعلها علامة فارقة في مسيرته الأدبية وفي تاريخ الشعر العربي الحديث.