العناصر
يعتبر بر الوالدين من أهم القيم الإنسانية والاجتماعية التي تُعزز من أواصر المجتمع وتقوي العائلة الواحدة. في ظل عالمنا الحديث الذي تتسارع فيه وتيرة الحياة، يصبح بر الوالدين ضرورة لا غنى عنها لتعزيز مشاعر الحب والاحترام بين الأجيال. إن العلاقة بين الأبناء والآباء ليست مجرد واجب ديني أو اجتماعي، بل هي ارتباط روحي ووجداني قوي يساهم في بناء شخصية الأبناء بشكل متوازن ويأخذ بيدهم نحو النجاح في مختلف مجالات الحياة. فالآباء هم مصدر الحنان والدعم الذي لا ينضب، ويملكون من التجارب الحياتية ما يمكن أن يُنير طريق الأبناء. لذلك، علينا جميعًا أن نضع في اعتبارنا أن التعبير عن الرضا والامتنان للوالدين لا يحتاج إلى مناسبات خاصة، بل يجب أن يكون جزءًا من حياة كل فرد منا. فخلال الكلمات الرقيقة والأفعال البسيطة يمكن أن نجدد العهد على الاستمرارية في هذه الروابط المقدسة. اوصي الله عز وجل الانسان ببر والديه والاحسان اليهما، حيث ربط الله سبحانه وتعالي بر الوالدين بعبادته، وذلك في قوله تعالي : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (24) {الإسراء}. بر الوالدين وطاعتهما والاحسان اليهما من احب الاعمال الي الله عز وجل ورسوله صلي الله عليه وسلم، حيث اعز الاسلام مكانة الوالدين ورفع من شأنهما، حيث يتكبد الوالدين العناء والمسئولية في سبيل رعاية الابناء، عن أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال : سأَلتُ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: أَيُّ الْعملِ أَحبُّ إلى اللَّهِ تَعالى؟ قال: الصَّلاةُ على وقْتِهَا، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: بِرُّ الْوَالِديْنِ قلتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قال: الجِهَادُ في سبِيِل اللَّهِ متفقٌ عليه .. فقد اوصانا الله ورسولنا الكريم بطاعة الوالدين والعطف عليهم ومعاملتهم معاملة حسنة، اعتبر الإسلام عطاءهما عملاً جليلاً مُقدّساً استوجبا عليه الشّكر وعرفان الجميل، وأوجب لهما حقوقاً على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقاً، حتّى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده فقال تعالي : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) سورة النساء، 36 .. ويسعدنا أن نستعرض معكم الان في هذا المقال عبر موقع احلم معلومات عن بر الوالدين واهميته في الاسلام ومكانة الوالدين وتعظيم شأنهم في ديننا الحنيف ، وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : إسلاميات .


حقوق الوالدين في الإسلام
- يجب علي الابن طاعة والديه وتلبية كافة احتياجاتهم وطلباتهم والانفاق عليهم إن تطلب الامر .
- التواضع في التعامل معهما ومع ذويهما ومعاملتهما بالرفق واللين ومراعاة فارق السن، وتفضيلهما علي انفسهم في كافة النواحي، وعدم مقاطعتهما خلال الحديث والمشي خلفهما باحترام وهوادة، والرفع من مكانتهما وتقديرهما قدر المستطاع .
- الحرص علي عدم ازعاجهم او اثارة قلقهم او اتيان اي فعل يسبب لهم الضيق والحزن .
- عند خطابهما يجب الحرص علي استخدام عذب الكلام وعدم التلفظ باشياء لا تليق بمكانتهما .
- الاحسان إليهما خاصة في مرحلة الشيخوخة حيث أنه في هذه المرحلة يمكن أن يصبح الانسان طفلاً كثير التطلب والاحتياجات ويجب عدم اظهار الاستياء من كثرة مطالبهما .
- يجب علي الابناء الحرص علي الدعاء للوالدين فهو عمل خير يجزي به الانسان، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، ويجب قول الصدق لهما دون تزويغ الحقيقة، مع عدم مجادلتهما فيما يقولان.
- وذلك لانها تتحمل مشقة التعب والحمل والولادة والسرعة علي تربية الابناء ورعايتهم علي حساب صحتها وحياتها، وبر الوالدة يكون في الاحسان اليها وصلة رحمها وطاعتها، حيث اوصانا رسول الله صلي الله عليه وسلم بذلك، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فقال: “جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك”.
- الثناء علي الوالدين وشكرهما دائماً والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة ، كما قال الله تعالى في سورة الإسراء: ” وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(4)”
- مجاهدة النفس بطاعتهما في كل شئ إلا في الشرك بالله او اى امر يخالف شرع الله عز وجل كما جاء في سورة لقمان قوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) {لقمان: 4}.


أهمية بر الوالدين
- طاعة الوالدين وبرعهما من طاعة الله عز وجل ورسوله، قال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء: 23].
- بر الوالدين سبب من اسباب دخول العبد الجنة ورضا الله عز وجل .
- سبب انتشار الود والالفة والتراحم بين الناس .
- طاعة الوالدين بمثابة شكر لهم وعرفان بجميلهما .
- سبب لبر ابناءك لك في المستقبل، قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: 60].
طرق تعزيز بر الوالدين في الحياة اليومية
تعتبر **بر الوالدين** من أسمى وأفضل العبادات التي حث عليها الإسلام، وهناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز هذه الفريضة في الحياة اليومية. أولاً، يجب الحرص على التواصل المستمر والدائم مع الوالدين، سواء من خلال المكالمات الهاتفية أو زيارتهم، فهذا يعزز الروابط الأسرية ويشعرهم بالاهتمام والاحترام. ثانياً، تقديم المساعدة المادية والمعنوية الممكنة لهم، حيث لا يتعلق الأمر بمدهم بالمال فقط، بل بتقديم الدعم العاطفي والنفسي ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم. ثالثاً، توجيه الدعاء الصالح لهم والاستغفار لهم باستمرار، وهذا يعتبر من أصدق وأكمل صور البر، خاصة في غيابهم. كذلك، توفير الراحة والاحتياجات المعيشية لهم، كما يمكن التفكير في تقديم الهدايا بمناسبة أو بدون مناسبة لإظهار الحب والامتنان. وأخيراً، يمكن المشاركة في تجربة حياتهم والاستفادة من نصائحهم وخبراتهم، فالاستماع الجيد لهم يعد جزءاً لا يتجزأ من **بر الوالدين**.
كيفية تحفيز الأطفال على بر الوالدين
من المهم غرس مفهوم **بر الوالدين** في نفوس الأطفال منذ الصغر، ليكبروا وهم يعرفون قيمة هذه الفضيلة في الإسلام. يمكن أن يبدأ التحفيز عبر القصص القرآنية والدروس النبوية التي تتحدث عن فضل وعظمة **بر الوالدين**، مما يجعل الأطفال يتعلمون بأسلوب مبسط وممتع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تشجيع الأطفال على القيام بأعمال الخير الصغيرة مثل مساعدة الوالدين في المهام المنزلية أو كتابة رسائل شكر لهم، ليشعروا بأهمية الأفعال البسيطة في إظهار الحب والاحترام. كما أن تقديم مكافآت صغيرة عند نجاح الطفل في تطبيق **بر الوالدين** يمكن أن يكون له أثر كبير في تشجيعه. كذلك، يعتبر القدوة من أعمق وسائل التعلم، فعندما يشاهد الأطفال والديهم يقدمون البر لجديهم، فإنهم يتأثرون تلقائياً دون الحاجة إلى توجيه مباشر. وأخيراً، إتاحة الفرصة للأطفال في المشاركة في اتخاذ القرارات الأسرية يمكن أن يعزز من شعورهم بالمسؤولية ويعلمهم أهمية الاستماع والاستشارة المتبادلة داخل الأسرة.
الأدعية المحببة لبر الوالدين
الدعاء من أعظم صور القربى والبر، وقد ورد في القرآن والسنة العديد من الأدعية التي يمكن أن يدعو بها الأبناء لهدي والديهم. من أبرز هذه الأدعية “رب اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا”، وهو دعاء شامل يجمع بين الاستغفار والرحمة. دعاء آخر يمكن أن يتلى هو “اللهم اجعلني باراً بوالديّ، ولا تجعلني عاقاً لهم، وهب لي رضاهم في الدنيا والآخرة”. كما يُفضل الاستغفار للوالدين بشكل مستمر، حيث يقال إن “استغفار الولد لوالديه يعتبر من الباقيات الصالحات”. الدعاء له دور كبير في زيادة توطيد المحبة والألفة بين الأهل، ويزيد من التقرب لله عز وجل وهو يعبر عن روح الإحسان والإجلال للوالدين. من خلال الدعاء، يمكننا أيضاً التمني بالهداية والصلاح للوالدين وطلب الصحة والعافية لهم في الدنيا والآخرة، مما يحقق مفهوم **بر الوالدين** بشكل كامل.