شعر

اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي

“اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي” .. مرحبًا بكم في رحلة فريدة من نوعها إلى عالم الشعر الجاهلي، عالم يتميز بغنى اللغة وعمق المعاني، وحيث يتجلى جمال المدح بأبهى صوره. دعونا نستكشف سويًا هذا العالم الساحر ونتأمل ما قيل في المدح، فربما نجد فيه تجارب إنسانية ملهمة وحكمًا ترسخت في أرواحنا.

أيها القارئ العزيز، هل سبق لك أن تأملت جمال الكلمات عندما ينطق بها الشاعر ليمدح؟ هل شعرت بموجة من الإلهام والدهشة أمام قوة الوصف وروعة التعبير؟ دعنا نتعرف سويًا حول اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي.

تعريف المدح في الشعر الجاهلي

المدح في الشعر الجاهلي هو فن شعري يتمثل في استخدام أبهى الكلمات وأرقاها لتمجيد الأشخاص، القبائل، الأعمال، والصفات الحميدة. يعتبر المدح جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الشعرية في العصر الجاهلي، وكان الشعراء ينافسون بعضهم البعض في إبداع أروع الأبيات لتمجيد محاسن الأفراد والمجتمعات.

يتميز المدح في الشعر الجاهلي بالوصف الدقيق والمواصفات الشعرية الفريدة التي تبرز جمال الشخص أو الجماعة المُمَدَّحَة. تأتي هذه القصائد عادة مليئة بالعواطف الإيجابية والتقدير، وتعكس القيم والمثل النبيلة التي كانت تحتل مكانة مهمة في المجتمعات العربية القديمة.

خصائص شعر المدح في العصر الجاهلي :

شعر المدح في العصر الجاهلي كان يتميز بعدة خصائص تميزه عن غيره من الأنماط الشعرية في تلك الفترة، ومن هذه الخصائص:

  1. الوصف الدقيق والشامل: كان شعر المدح يتضمن وصفًا دقيقًا وشاملًا للممدوح، حيث كان الشاعر يستخدم أفضل الكلمات وأرقاها لوصف محاسن الشخص أو الجماعة المدحوة.
  2. استخدام الصور البديعة: كان الشاعر يلجأ إلى استخدام الصور البديعة والمميزة لإبراز جمال المدح وروعة الممدوح.
  3. الاستخدام الراقي للغة الشعرية: يتميز شعر المدح بالاستخدام الراقي والمتقن للغة العربية، حيث كان الشاعر يبتكر تراكيب لغوية وأساليب شعرية جديدة لتعبير عن المدح بأبهى صوره.
  4. التركيز على الفضائل والمحاسن: يتمحور شعر المدح حول تمجيد الفضائل والمحاسن الشخصية والجماعية، مثل الشجاعة، والجود، والعدالة، والكرم.
  5. الغزل والإعجاب: كان شعر المدح يحمل طابعًا من الغزل والإعجاب، حيث كان الشاعر يعبر عن إعجابه الشديد بالممدوح وكرهه لكل ما يعكر صفو هذا الإعجاب.
  6. التنافس والمنافسة: كانت قصائد المدح تشكل مساحة للتنافس بين الشعراء على من يبتكر أجمل الأبيات ويظهر الشخص المُمَدَّحَ في أبهى صوره.

يمكن القول أن شعر المدح في العصر الجاهلي يمتاز بالجمالية والتركيب الدقيق والمحتوى العميق، مما جعله جزءًا مهمًا من التراث الأدبي العربي القديم.

اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي

من الصعب اختيار اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي بسبب غنى هذا التراث الأدبي وتنوعه. إليك بعض الأبيات التي تُعَدّ من أجمل أبيات المدح في الشعر العربي:

زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان :

بل اذكرن خير قيس كلها حسبا  *  وخيرها نائلا وخيرها خلقا

وذاك أحزمهم رأيا إذا نبأ   *  من الحوادث غادى الناس أو طرقا

من يلق يوما على علاته هرما  *  يلق السماحة منه والندى خلقا

لو نال حي من الدنيا بمنزلة  *  أفق السماء لنالت كفه الأفقا

الأعشى يمدح هوذة بن علي سيد بني حنيفة :

إلى هَوْذَة َ الوَهّاب أهْدَيْتُ مِدحتي  *  أرجّي نوالا فاضلاً منْ عطائكا

سَمِعتُ بسَمعِ البَاعِ وَالجودِ وَالندى   *  فأدلَيتُ دَلْوِي ، فاستَقتْ برِشائِكَا

فتى يَحمِلُ الأعباءَ ، لَوْ كانَ غَيرُهُ   *  من النّاسِ لمْ ينهضْ بها متماسكا

وَأنْتَ الّذِي عَوّدْتَني أنْ تَرِيشَني  *  وَأنْتَ الّذِي آوَيْتَني في ظِلالِكَا

وإنّكَ فِيمَا بَيْنَنَا فيّ مُوزَعٌ  *   بخيرٍ ، وإنّي مولعٌ بثنائكا

النابغة الذبياني يمدح الملك الغساني عمرو بن الحارث وقومه بعد هربه من النعمان بن المنذر :

كليني لهمٍ ، يا أميمة ، ناصبِ  *  وليلٍ أقاسيهِ ، بطيءِ الكواكبِ

عليَّ لعمرو نعمة ، بعد نعمة  *  لوالِدِه ، ليست بذاتِ عَقارِبِ

وثقتُ له النصرِ ، إذ قيلَ قد غزتْ  *  كتائبُ منْ غسانَ ، غيرُ أشائبِ

إذا ما غزوا بالجيشِ ، حلقَ فوقهمْ   *  عَصائبُ طَيرٍ ، تَهتَدي بعَصائبِ

ولا عَيبَ فيهِمْ غيرَ أنّ سُيُوفَهُم  *  بهنّ فلولٌ منْ قراعِ الكتائبِ

أجمل أبيات المدح في الشعر العربي

تأتي أجمل أبيات المدح في الشعر العربي بتنوع كبير وتعدد أساليب التعبير، وهنا بعض الأمثلة على أبيات المدح التي تبرز جمال الشعر العربي:

قصيدة المديح للشاعر البحتري:

يا مُعْجَبي مَعاشِبُ الأرضِ منها *** حُمُرُ عُصُبِ العَنابِ وَالأمارَةُ

لا تُسْتَعْجَبَنَّ لَهَا طَيْرُ عَرْشٍ *** تُعَجِّبُ كَما عَجِبْتُ وَما رَأَيْتُ

وَلا تَعْجَبَنَّ لَها بِرٌّ وَمَحَبَّةٌ *** وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الحُبِّ غَالِبُ

وَمَنْ كانَ الْمُحِبَّةُ مِنْ أَمْرِهِ *** لا يَشُقُّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ وَلا يُحَابِيُ

وَلا يُفَارِقُنَا الْحَبِيبُ أَبَداً *** فَالْمَحَبَّةُ تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُحِبِّيْنَ

قصيدة المديح للشاعر العباسي البوصيري:

يا أيها السائلون عن حالي *** والناشين إلى جمالي

أراني أملك أعذب الألحان *** وأجمل الأنغام والآلاتِ

ليس القوم يرقصون إذا ما *** زمجروا إلا مع نظراتي

ولو غنى الأطيار لما غنوا *** إذا رأوا على الغصن حمامي

الفخر في الشعر الجاهلي

يقول عنترة بن شداد:

فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ

وكذا النساءُ بخانقٌ وعقودُ

و اذا غبار الخيل مد رواقة

سُكْري بهِ لا ما جنى العُنْقودُ

يادهرُ لا تبق عليَّ فقد دنا

ما كنتُ أطلبُ قبلَ ذا وأريد

فالقتْلُ لي من بعد عبْلة َ راحَة ٌ

والعَيشُ بعد فِراقها منكُودُ

يا عبْلَ! قدْ دنتِ المَنيّة ُ فاندُبي

ان كان جفنك بالدموع يجود

يا عبلَ! إنْ تَبكي عليَّ فقد بكى

صَرْفُ الزَّمانِ عليَّ وهُوَ حَسُودُ

يا عبلَ! إنْ سَفكوا دمي فَفَعائلي

في كل يومٍ ذكرهنّ جديد

لهفى عليك اذا بقيتى سبية

تَدْعينَ عنْترَ وهوَ عنكِ بعيدُ

ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ

وجيوشها قد ضاق عنها البيد

وتموجُ موجَ البحرِ إلا أنَّها

لاقتْ أسوداً فوقهنَّ حديد

جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا

فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُود

يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ

والجوُّ أسودُ والجبالُ تميدُ

فسطا عليَّ الدَّهرُ سطوة َ غادرٍ

والدَّهرُ يَبخُلُ تارة ويجُودُ.

اجمل ما قيل في الشعر الجاهلي

عروة بن الورد يمدح سيد القوم ربيع :

لِكُلِّ أُناسٍ سَيِّدٌ يَعرِفونَهُ  *  وَسَيِّدُنا حَتّى المَماتِ رَبيعُ

إِذا أَمَرَتني بِالعُقوقِ حَليلَتي  *  فَلَم أَعصِها إِنّي إِذاً لَمَضيعُ

حسان بن ثابت يمدح أمراء البلاط الغساني قبل الإسلام :

يُغشَوْنَ، حتى ما تهِرُّ كلابُهُمْ  *  لا يسألونَ عنِ اليوادِ المقبلِ

يسقونَ منْ وردَ البريصَ عليهمِ  *  بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرّحِيقِ السَّلسَلِ

بِيضُ الوُجُوهِ ، كريمَة أحسابُهُمْ  *  شُمُّ الأنوفِ ، من الطّرَازِ الأوّلِ

الحطيئة يمدح آل شماس في قصيدته الدالية التي تعتبر من خير ما قاله الجاهليون في المدح :

ألا طرقتنا بعد ما هجدوا هندُ  *  وقَدْ سِرْنَ غَوْرَاً واستبان لنا نَجْدُ

ألا حبّذا هندٌ وأرضٌ بها هندُ  *  وهِنْدٌ أتى مِنْ دُونها النَّأْيُ والبُعْدُ

وإنَّ التي نَكَّبْتها عن مَعَاشِرٍ  *  على غضاب أن صددتُ كما صدّوا

أتت آل شماس بن لأي وإنّما  *  أتاهُمُ الأحْلامُ والحَسَبُ العِدُّ

فإنَّ الشَّقِيَّ من تُعَادِي صدُورُهم   *  وذو الجَّدِّ مَنْ لانُوا إليه ومَنْ ودُّوا

يَسُوسون أحلاما بَعِيدا أنَاتُها  *  وإن غصبوا جاء الحفيظة والجدّ

أولئك قومٌ إنْ بَنَوْا أحْسَنُوا البُنَى  *  وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا

وإنْ كانت النَّعْمَاءُ فيهم جَزَوْا بها  *  وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا

مَغاويرُ أبطالٌ مَطاعيمُ في الدُّجَى  *  بَنى لهُمُ آباؤهم وبَنى الجَدُّ

شعر عن الأصالة والكرم

في العصر الجاهلي، كان الشعر يعكس القيم والمفاهيم التي كانت تهم المجتمع العربي في تلك الفترة، بما في ذلك الأصالة والكرم. توجد عديد القصائد من اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي التي تتناول هذه القيم بشكل مباشر في الشعر الجاهلي المتوارث:

قال الإمام علي – رضي الله عنه – :

إِذا جادتِ الدنيا عليكَ فجُدْ بها  *  على الناسِ طرا إِنها تَتَقَلَّبُ

فلا الجودُ يفنيها إِذا هي أقبلتْ  *  ولا البخلُ يُبْقيها إِذا هي تَذْهَبُ

قال بشار بن برد :

إِن الكريمَ ليُخفي عنكَ عسرتهُ  *  حتى تَراهُ غنيا وهو مَجْهودُ

وللبخيلِ على أموالهِ عللٌ  *  زرقُ العيونِ عليها أوجهٌ سودُ

إِذا تكرمتَ أن تعطي القليلَ ولم  *  تقدرْ على سعةٍ لم يظهرِ الجودُ

أبرقْ بخيرٍ تُرجَّى للنوال فما  *  تُرْجى الثما رُ إِذا لم يورقِ العودُ

بثَّ النوالَ ولا تمنعْكَ قلتُهُ  *  فكل ما سدَّ فقراً فهو محمودُ

قال ابن عسكر الموصلي :

جودُ الكريمِ إِذا ما كانَ عن عِدَة  *  وقد تأخرَ لم يسلمْ من الكدرِ

إِن السحائبَ لا تُجْدي بوارقُها  *  نَفعا إِذا هي لم تمطرْ على الأثرِ

وما طلُ الوعدِ مذمومٌ وإِن سمحتْ  *  يَداه من بعدِ طولِ المطل بالبدرِ

في نهاية هذا المقال الذي استعرضنا فيه اجمل ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي، ندرك أن هذا التراث الشعري الغني يمثل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وثقافة الأدب العربي. فقد كان شعراء الجاهلية يمتلكون موهبة فريدة في تمجيد الأشخاص والمناسبات بأسلوب شعري راقٍ ومميز.

قصائدهم كانت تشكّل مرآة تعكس جمال الطبيعة العربية وعمق العلاقات الاجتماعية والثقافية في ذلك الوقت. فكانوا يصوغون كلماتهم ببراعة لتنسجم مع روح الزمان والمكان، وتبقى قصائدهم مصدر إلهام للأجيال اللاحقة.

والآن، دورك أيها القارئ الكريم! ندعوك للمشاركة في هذه الرحلة الشعرية، فما هي أبيات المدح التي أعجبتك؟ هل هناك قصيدة معينة أثرت فيك؟ أو ربما لديك تعليقات أو آراء أخرى ترغب في مشاركتها؟ نحن نرحب بتفاعلك ومشاركتك، فلا تتردد في ترك تعليقاتك أدناه لنستمتع معاً بمشاركتها ونتبادل الآراء والانطباعات حول هذا الفن الشعري الرائع.

عبد العاطي سيد

تخرجت من كلية التجارة جامعة عين شمس عام وأعمل ككاتب مقالات مهتم بالكتابة في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والترفيه والتكنولوجيا والصحة. لقد نشرت لي العديد من المقالات عبر المنصات الإلكترونية المختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى