قصص

قصص كليلة ودمنة قصة اليوم بعنوان دمنة مجرماً بقلم : عبد الحميد عبد المقصود

يسعدنا ان نقدم لكم الآن قصة جديدة من قصص كليلة ودمنة بقلم عبد الحميد عبد المقصود، قصة رائعة بعنوان دمنة مجرماً استمتعوا معنا الآن بقراءتها وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص من موقع احلم .

دمنة مجرماً

لما انتهى الأسد من قتل صديقه الثور ( شتربه ) أسرع دمنه الي اخيه كليلة وأخبرة ان حيلته قد نجحت في الايقاع بين الاسد وشتربه وانه قد انتهي من عدوه الثور، وتخلص منه الي الابد فحزن كليلة حزناً شديداً وقال له : لقد نهيتك عن المشي بالنميمة، والايقاع بين الابرياء بالكذب والزور والبهتان، حتي تتخلص من عدوك بهذه الحيلة الدنيئة والفعلة الخسيسة، لكنك لم تنصت الي كلامي ولم تستمع الي نصيحتي حتي تسببت في قتل برئ .

ضحك دمنه ساخراً وقال : الغاية تبرر الوسيلة، ولقد كانت غايتي شريفة وهي ان استرد مكانتي الرفيعة عند الاسد، فليس مهماً إن مات الثور أو لم يمت، فقال كليلة : انت اناني وحقير خسيس، لا تهتم الا بتحقيق مصلحتك الشخصية حتي لو طارت رءوس، وكان النمر يمر قريباً منهما في تلك اللحظة فسمع المحاورة التي دارت بين كليلة ودمنة وحفظها في رأسه، وكمن حتي يسمع بقية ما دار بينهما، فقال كليلة : لقد جنيت علي نفسك جناية كبيرة، وحكمت عليها بالموت، اذا انكشف امرك للأسد، وعرف غدرك فلن يكتفي بقتلك، مخافة شرك وغدرك، ولقد نصحتك فلم تستمع لنصحي ولابد لي من مفارقتك والابتعاد عنك .

فلما سمع النمر كلامهما وعلم بخيانة دمنة لعهده وتسببه في قتل الثور ابتعد عنهما وهو يتعجب مما سمع، اما الاسد فإنه بعد أن قتل الثور ندم ندماً شديداً وقال : لقد فجعت بقتل أعز اصحابي، وخير مستشاري وافضل ناصح أمين لي، كيف حدث ذلك في لحظة غضب مني ؟! ربما كان بريئاً او مكذوباً عليه، ثم تذكر كيف دخل الثور عليه غاضباً وثائراً فقال : لكنه كان حريصاً علي قتلي، لو لم اقتله انا لسارع هو لقتلي .. وبعد قليل دخل عليه دمنه فقال له : ماذا يحزنك ايها الملك وقد نصرك الله واهلك عدوك الذي سعى لقتلك ؟ يحق لك ان تفرح بدلاً من ان تحزن وتجلس مهموماً هكذا، فقال الاسد : انا حزين من اجل عقل شترب وعلمه وادبه ولا تنس انه كان اخلص اصدقائي لي بالنصيحة وانه كان مستشاري وكاتم اسراري .

فقال دمنه : العاقل لا يرحم اعداءه وقد كان شتربة عدوك لأنه كان ينوي قتلك والاستلاء علي ملكك، فقال الاسد حزيناً : لقد مضى هذا الامر بخيره وشره وأرجو ان أنساه بسهولة .. أما النمر فإنه بعد أن سمع ما دار بين كليلة ودمنه من كلام وعلم بخيانة دمنه وغدرة فإنه توجه مباشرة الي ام الاسد وأخذ عليها العهود والمواثيق ألا تفشي ما سوف يبوح به إليها من اسرار لأحد، فلما عاهدته علي ذلك أخبرها بكل الحوار الذي دار بين كليلة ودمنة ثم انصرف .

فنهضت الام متجهة الي الاسد فلما دخلت عليه ونظرت اليه وجدت يجلس حزيناً مهموماً علي صديقه فقالت له : ما هذا الحزن الذي يعلو وجهك ؟ فتنهد الاسد في ضيق وقال في ألم : يحزنني قتل شتربه ولا تنسي يا امي انه كان خير صاحب وافضل ناصح لي ، فقالت الام معاتبة : وكيف تقدم علي قتل شتربة دون علم أو يقين بعداوته، وحتي قبل أن تثبت خيانته ؟ ان هذا هو الحمق بعينيه، ولولا أن يلحقني الاثم ويركبني الذنب بسبب إذاعة الاسرار لأخبرتك لما علمت، فقال الاسد : اذا كان عندك رأي يا امي فيما حدث فلا تخفيه عني، فأخبرته الام بكل ما اخبرها به النمر دون أن تذكر له ان النمر هو الذي باح إليها بذلك، فعلم الاسد أن دمنه قد كذب عليه وخدعه وأنه مشى بالغدر والخيانة بينه وبين شتربه حتي أوقع بينهما ولما انتهت الام من حديثها استدعي قادة جنده وأمرهم أن يقبضوا علي دمنة ويحضروه في الحال مكبلاً بالأغلال فلما مثل دمنه بين يدي الاسد ورآه حزيناً غاضباً قال له : ما الذي حدث ايها الملك ؟ حتي تأمر جندك فيأتوا بي مكبلاً علي هذه الصورة المشينة ؟ فقالت ام الاسد : ما حدث ان الملك لن يدعك تعيش بعد اليوم طرفة عين ايها الغادر المخادع .

تعجب دمنه قائلاً : اي ذنب جنيت حتي يقتلني الملك ؟ فقالت الام : انت ادري بجرمك وأعلم بذنبك، فقال دمنه مراوغاً : من الصواب ألا يعجل الملك في قتلي لمجرد كلام كاذب قد يكون سمعه عني، لست اقول ذلك خوفاً من الملك لأن كل حي لابد أن يذوق الموت مهما طال في الحياة عمره، فقال احد الحاضرين : إنك تقول ذلك خوفاً من الموت، والتماساً لعذر تفر به منه، فقال دمنه : وما العيب في ان يلتمس الانسان لنفسه عذراً ينجو به من الموت ؟ هل هناك اغلي من النفس ؟! فقالت أم الاسد : لقد عجبت من جرأتك ايها المحتال، فقال دمنه : لأنك تنظرين الي بعين واحدة وتسمعين بأذن واحدة، فلن تصلي الي الحقيقة ابداً .

قالت الام متعجبة : وما هي الحقيقة ايها المحتال ؟ قال دمنة في تبجح : لقد سعي بعضهم بالنميمة علي عند الملك ولابد ان يكون قد لفق لي تهمة باطلة وجريمة لم أرتكبها، فقالت الام غاضبة : ألا ترون هذا الشقي ، يحاول أن يصور نفسه بريئاً مع عظم ذنبه ؟! قال دمنه : الشقي هو الذي لا يستطيع ان ينفي عن نفسه تهمة باطلة لحقت به من نمام حقود، وظل دمنه يجادل وينفي عن نفسه التهم ولم يطق الاسد ان يستمع الي المزيد من الاكاذيب فاصدر أمره بأن يسلم دمنه الي القاضي حتي يحقق معه، فأمر القاضي أن يودع دمنة في السجن حتي تبدأ إجراءات محاكمته، وهكذا اودع الحراس دمنة في السجن .

وفي اثناء الليل ارسل دمنه الي اخية كليلة فحضر إليه متخفياً ولما رآه كليلة في قيودة بكي من منظرة وقال له : هل رأيت يا اخي عاقبة المشي بالنميمة بين الناس وقتلك الابرياء بالخديعة والغدر ؟ لقد نصحتك ولكنك لم تستمع الي نصحي، فقال دمنه : لقد تأكدت الآن من اخلاصك في نصحي لكني قد ارتكتب جرمي ولن يجدي الندم الآن، واستمر الحوار بينهما لفترة، وكان قريباً منهما في السجن فهد من الحراس، فسمع كلامهما وعلم ان دمنة مجرم وان كليلة برئ فحفظ ما دار بينهما من حوار حتي يدلي به الي القاضي .

وفي الصباح جلس القاضي في مجلسه وامر الحراس ان يحضروا دمنه من السجن، ثم نظر الي الجمع الحاشد الذين حضروا لشهود المحاكمة وقال : على أي شخص منكم يعلم أي شئ من أمر ذلك الخائن سواء كان خيراً او شراً يتقدم الي هنا ويخبرني به، واضاف القاضي محذراً : واياكم وشهادة الزور او الكذب لأن من اعظم الخطايا شهادة الزور، وهنا قام الخنزير وقال : انا لدي ما احب ان أدلي به بخصوص ذلك المجرم الواقف في القفص .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى